فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع، لأنه

يخلِّص شعبه من خطاياهم (متى 1: 21)

اتَّخذ المسيحيون الأوَّلون رسم السمكة شعاراً لهم، وكانوا يستخدمونه ليتعارفوا بعضهم على بعض. فإذا التقى مسيحيٌ بشخص آخر، وأراد أن يعرف إن كان هذا الآخر مسيحياً، كان يرسم سمكة على الأرض. فإذا عرفها الشخص الآخر، أدرك كلاهما أنهما مسيحيان. أما إذا لم يعرفها فهذا يعني أن الآخر غير مسيحي. وقد اختار المسيحيون الأوَّلون السمكة شعاراً لهم لأن كلمة سمكة في اللغة اليونانية هي «إخثوس» وتتكوَّن من خمسة حروف، اتفقوا على أن كل حرف منها هو أول حرف في كلمة، وتكوِّن الكلمات الخمس جملة هي: «يسوع المسيح ابن الله مخلِّص».
وفي هذه الجملة نجد أربعة ألقاب للسيد المسيح.
يسوع المخلِّص:
لما حبلت العذراء مريم من الروح القدس وهي مخطوبة ليوسف النجار، فكر يوسف في ما يجب أن يفعله، حتى ظهر له ملاك الرب (ولعله جبرائيل) في حلم وقاله له: «يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك، لأن الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابناً، وتدعو اسمه يسوع، لأنه يخلِّص شعبه من خطاياهم» (متى 1: 20، 21) ومعنى كلمة «يسوع» الله يخلِّص. وقد ورد ستمائة مرة في الإنجيل المقدس. وكان اسماً مشهوراً بين اليهود، أطلقوه على أولادهم أملاً في أن يكون أحدهم هو المخلِّص الذي ينقذهم. لكن بعد أن اتخذ السيد المسيح هذا الاسم، توقف اليهود عن استعماله، لأنه اسم عدوهم. أما المسيحيون فقد توقفوا عن استعماله لأنه صار عندهم مقدساً. حتى أن هناك شخصاً كان يُسمَّى يسوع، أطلق عليه المسيحيون الأولون لقب «يسطس» (كولوسي 4: 11) حتى لا يطلقوا اسم مخلصهم العظيم على أي إنسان.
وكان الناس قديماً يطلقون على بعضهم ألقاباً ذات معانٍ، وكان اللقب يحمل صفة الشخص. فقد لُقب يوحنا بالمعمدان لأنه كان يعمد، وكان لقب سمعان تلميذ المسيح «سمعان الغيور» لأنه من حزب الغيورين السياسي، أما سمعان الآخر فلقد أطلق عليه السيد المسيح اسم «بطرس» بمعنى «صخرة» لأن الكنيسة ستُبنى على الإعلان الذي يعلنه، وعلى الإنجيل الذي سيعمل على نشره. واسم يسوع معناه «الله يخلِّص» وقال أحد المؤمنين: «اسم يسوع أحبُّ اسمٍ لقلبي، لأنه عزاء للخاطئ الذي يدعوه، فيقدم له الغفران. وهو اسم فوق كل اسمٍ لأنه من البدء، وقد أُعطي للبشر مخلصاً. اشتهاه وانتظره آباء الإيمان، وتنبأ عنه أنبياء التوراة، وأعلنه الله لنا في عهد النعمة. ونشره الرسل القديسون في الأرض، وشهد له الشهداء حتى دفعوا حياتهم ثمناً لإيمانهم، وفرح به المؤمنون في العالم كله».
ابن الله المخلِّص المنتظر:
قال الملاك للعذراء وهو يبشرها بميلاد المسيح: «ها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيماً، وابن العلي يُدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية» (لوقا 1: 31-33). فهو الذي سيخلص الشعب من العبودية والذل، ويعيد لهم الحرية والخلاص.
***************************
والاسم يسوع هو نفسه اسم يشوع وهوشع في اللغة العبرانية، وله نفس المعنى. فيشوع (تلميذ موسى) أكمل عمل موسى. موسى أنقذ شعبه من المذلة، ويشوع أدخل شعبه إلى الراحة. وهو ما حدث روحياً، فقد أُعطيت الشريعة لموسى، وهي تشبه مسطرة القياس، إذا وقف إنسان أمامها تُظهِر أنه ناقص وأعوج! وجاءنا المسيح بالنعمة التي تُدخلنا أرض الراحة، لأنها تؤكد للخاطئ الأعوج الناقص أن الله سيُعيد تقويمه ويصلح من أمره بأن يعيد خلقه. وهذا ما يفعله المسيح معنا، فإنه إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديداً (2كورنثوس 5: 17). ويسوع المسيح هو الطريق والحق والحياة، الذي يُدخل كل مؤمن بخلاصه إلى الراحة والمجد بعد أن يخلصه من خطاياه.
************************
وقد عرف تلاميذ المسيح أن يسوع هو المخلِّص المنتظَر، فقد وجد تلميذ المسيح فيلبس صديقه نثنائيل فقال له: «وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء: يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة». فسأله نثنائيل متعجباً: «أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح؟» فأجاب فيلبس: «تعال وانظر». فسارا معاً إلى حيث كان يسوع. ورأى يسوع نثنائيل مقبلاً إليه قال عنه: «هوذا إسرائيلي حقاً لا غش فيه» فقال له نثنائيل: «من أين تعرفني؟» قال له المسيح: «قبل أن دعاك فيلبس، وأنت تحت التينة، رأيتك». فقال نثنائيل: «يا معلم، أنت ابن الله، أنت ملك إسرائيل» (يوحنا 1: 43-49).. وفي إعلان نثنائيل أوضح إيمانه بأن السيد المسيح ابن الله، وهو المخلص الذي طالما انتظروه ليخلصهم من خطاياهم.
وقُرب نهاية خدمة المسيح على الأرض سأل تلاميذه عن من يقول الناس إنه هو، فأجابوه بإجابات مختلفة، ثم وجَّه السؤال إليهم، فقال له بطرس: «أنت هو المسيح ابن الله الحي» (متى 16 :16). بمعنى أنك أنت المخلص الذي طالما انتظرناه، وها قد جئت إلينا لتخلصنا. ابن الله بمعنى المخلص المنتظر.
هذا هو اللقب العزيز على قلب المسيحيين جميعاً، أن المسيح ابن الله، الابن الوحيد الذي كل من يراه يرى الآب. وهو المخلص المنتظر، وهو صاحب السلطان. ندعوك أن تفتح قلبك له وتؤمن به.
المخلِّص من الخطية:
«تدعو اسمه يسوع، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» فإن الخطية حملٌ ثقيل يكسر الظهر، وهي أسرٌ وذلٌ واستعباد. وقد جاء المسيح ليخلصنا منها فهو الذي قال: «تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم» (متى 11: 28). وقال: «إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً» (يوحنا 8: 36).
وجاء المسيح ليخلِّصنا من أجرة الخطية التي هي موت. فإنه «بإنسانٍ واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع» (رومية 5: 12). وجاء المسيح لينقذنا من الموت، حتى كما ملكت الخطية في الموت هكذا تملك النعمة في البر للحياة الأبدية بيسوع المسيح ربنا. لقد فصلتنا الخطية عن الله وأبعدتنا عنه، كما يقول نبي التوراة إشعياء: «آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم، وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع» (إشعياء 59: 2) ويخاطب النبي إشعياء الله فيقول: «ليس من يدعو باسمك أو ينتبه ليتمسَّك بك، لأنك حجبت وجهك عنا، وأدَّبتنا بسبب آثامنا» (64: 7). وجاء يسوع مخلصاً ليُرجع العلاقة بيننا وبين الله، لأنه جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك (لو 19: 10). وبعد أن يخلصنا نقدر أن نقول مع رسول المسيحية بولس: «إذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح» (رومية 5: 1).
كيف حالك مع الله؟ هل أنت في خصام معه؟ هل أنت عبدٌ للخطية؟ جاء المسيح من السماء ليخلصك، وهذا معنى اسم يسوع المخلص. وليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسمٌ آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص (أعمال 4: 12).
ابدأ الآن بداية جديدة مع الله، افتح قلبك له واطلب خلاص المسيح، والله يريد الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون (1تيموثاوس 2: 4). اطلب خلاص المسيح الآن، ومن يُقبل إليه لا يخرجه خارجاً (يوحنا 6: 37).

Share This