ولد لكم اليوم في مدينة داود

                                                 مخلص هو المسيح الرب

(لوقا 1:2)

كان المسيحيون الأوَّلون يستعملون السمكة رمزاً لهم يتعارفون عن طريقها عندما يرسمونها، لأن كلمة السمكة في اللغة اليونانية كانت تتكون من خمسة حروف كل حرف منها أول كلمة تصنع عبارة تقول: “يسوع المسيح ابن الله مخلص”.

نتأمل اللقب المحبب إلى قلب كل مؤمن بالمسيح، لقب “المخلص” لأنه مخلصنا. لقد جاء السيد المسيح إلى عالم كان ظامئاً إلى مخلص، فقد قال سنيكا: “العالم يتطلع إلى خلاص قادم”. وسنيكا هو رجل الدولة الروماني والفيلسوف الذي عاش من سنة 54 قبل الميلاد إلى سنة 39 بعد الميلاد. فقد كانت الحالة السياسية والاقتصادية والأخلاقية في الإمبراطورية الرومانية تسوء قبل الميلاد بقرنين، وجعل كثيرون من البشر يتطلعون إلى الإنقاذ والخلاص، حتى أطلقوا على كثيرين من حكامهم لقب المخلص. كان هذا لقب كل حاكم من البطالمة في مصر. كما قال الإثينويون عن يوليوس قيصر إنه المخلص. وأطلق الناس لقب “مخلص” على أوثانهم، ومنها الإله سكلابيوس إله الشفاء فكان الناس يتجمعون في هيكله، يصرفون الليل كله آملين أن ذلك الإله، في ظلمة الليل، يلمس أجساده ليشفيهم وسموه مخلص العالم.

معنى الخلاص:

وأود أن أضع أمامك المعاني التالية لكلمة الخلاص:

  • المعنى الأول للخلاص هو السلام والنجاح:

 يشعر الإنسان بأنه منفصلٌ عن الله، لأن الخطية فصلت بينه وبين الرب. لقد كان جدُّنا الأول آدم سعيداً في الجنة يلتقي بالله ويخاطبه. لكن ما أن أخط حتى خاف وابتعد، فجاءه الله يدعوه باسمه “آدم، أين أنت؟” ليصنع معه صلحاً. ويقول أيوب إمام الصابرين: “ليس بيننا مصالحٌ ضع يده على كلينا” (أيوب 33:9) لأنه شعر أن الله صار له عدواً  ليعاقبه، وهو يطلب شخصاً يصنع السلام بينه وبين الله. والمسيح  هو صانع السلام. لنستمع إلى ما يقوله الإنجيل المقدس عنه: “الكل من الله الذي صالحنا لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم، وواضعاً فينا كلمة المصالحة. إذاً نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا، نطلب عن المسيح: “تصالحوا مع الله. لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن برَّ الله فيه” (2كو 18:5-20) ويتحدث رسول المسيحية بولس قائلاً عن المسيح: “الذي أُسلم من أجل خطايانا، وأُقيم لأجل تبريرنا. فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلامٌ مع الله بربنا يسوع المسيح، الذي به أيضاً قد صار لنا الدخول إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون. ونفتخر على رجاء مجد الله”. ثم يقول: “من أجل ذلك كأنما بإنسان واحدٍ دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع، وصار الحكم  إلى جميع الناس للدينونة. هكذا ببر واحد صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة، حتى كما ملكت الخطية في الموت، هكذا تملك النعمة بالبر للحياة الأبدية  بيسوع المسيح. لأن أجرة الخطية هي موت،  وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا” (رومية 25:4 و 1:5 و1 و12 و18 و23:6).

هل تحس أنك مغتربٌ عن الله بعيد عنه؟ هل تحس أن خطيتك تفصل بينك وبينه، حتى أنك لا تلقى استجابة لصلاتك عندما تدعوه؟ أؤكد لك أن السيد المسيح هو المخلص الذي إذا فتحت له قلبك سوف تنعم بسلام حقيقي مع الله.

  • لقب المخلص يعني الإنقاذ من كل حالة يائسة:

لقد جاء المسيح إلى عالمنا ليخلصنا فعلاً. تعال نتأمل ما فعله مع البشر المتعبين. لقد بدأ خدمته في الناصرة بأن قرأ نبوة جاءت عنه في كتابات إشعياء نبي التوراة، يقول فيها: “روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب. لأنادي للمأسورين بالإطلاق، وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية، وأكرز بسنة الرب المقبولة” (لوقا 18:4 و19).

جاءنا المسيح ليخلصنا من كل موقف بائس. عندما رأى الجياع قدم لهم مائدة، إذ أخذ الخبزات الخمس والسمكتين وبارك وأعطى تلاميذه ليوزعوا، فأكل الجميع وشبعوا وفضل عنهم (يوحنا 1:6-15). فإذا نحن قصدنا المسيح وسلمناه زمام حياتنا وجدنا أنه يعتني بنا. إن توجيهاته لنا تضمن سعادتنا، وعندما نسلمه قيادة حياتنا نضمن أننا ننجو من كل موقف قاس. لعلك تتذكر تلك السيدة التي كانت مصابة بنزيف دم، وأنفقت كل ما عندها على الأطباء فلم تنتفع شيئاً بل صارت إلى حال أردأ. إلى أن لمست هُدب ثوب المسيح فنالت الشفاء (مرقس 25:5-34) ونحن اليوم عندما نجيء في مرضنا وتعبنا يلمسنا لمسة حب تجعلنا قادرين أن نواجه المواقف القاسية بنعمة وشجاعة، لأنه يحقق لنا ما قاله رسول المسيحية بولس عندما صلى أن يشفيه الله من مرض، فلم يقدم له الشفاء بل قال له: “تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تُكمَل” (2كو 9:12). نعم قد يشفينا من مرضنا، أو قد يمنحنا النعمة التي تجعلنا نعيش مع المرض بسلام نستمده من عنده هو.

فافتح قلبك للسيد المسيح، المخلص القادر أن يريحك من كل ما يتعبك فهو الذي قال: “تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم” (متى 28:11).

  • المعنى الثالث للخلاص هو غفران الخطية:

 فإن الخطية حملٌ قاس وسيدٌ مستبد. من يفعل الخطية هو عبد للخطية. عندما تكون مستعبداً لعادة شريرة تحسُّ بإذلالها، ترى أنك محتاجٌ لهذا المخلص الذي يقطع رُبُط النير من على كتفيك، ويطلقك حراً، ويقول لك: “وتعرفون الحق والحق يحرركم. إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً” (يوحنا 32:8 و36). أعرف كثيرين تغيَّرت حياتهم تماماً وانتصروا على خطاياهم، لأن السيد المسيح وهبهم النعمة والقوة التي جعلتهم يغلبون الخطية. أدعوك أن تتعرف على المسيح لتجد نصرتك الكاملة.

  • المعنى الأخير الذي أقدمه عن معنى المخلص أنه الإنقاذ من الدينونة النهائية:

أجرة الخطية هي موت. هناك موتٌ أخلاقي عندما ينفصل الإنسان عن الله، وهناك موتٌ جسي عندما تفارق أرواحنا أجسادنا، وهناك موتٌ أبدي عندما يلقى الشرير في بحيرة النار والكبريت. والمسيح ينقذنا من الدينونة الأخيرة (رومية 1:8).

عزيزي القارئ، لقد ظهر مخلصنا المسيح في الأزمنة الأخيرة لينقذنا من قيود الخطية والشر، وليضمن لنا حياة أبدية. ولا عجب أن قال المسيح: “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يوحنا 16:3). فالحياة الأبدية لك ان فتح قلبك للمسيح المخلص ليغيرك وليعطيك حياة جديدة وقلباً جديداً.

Share This